أغلب البحوث و الدراسات التي خاضت في مسألة كفايات الحياة المدرسية تعتبر أن هذه الكفايات منطلق أساس يأهل الفرد لامتلاك القدرات التي تجعله يعيش في محيطه بتوازن، ومواجها للصعوبات التي تصادفه في الحياة. وقد برز هذا التوجه إلى التربية من منطلق أن كل عمل تربوي ينبغي أن يسلح الناشئة بقدرات على مواجهة حياة معاصرة دائمة التغير و التطور. أي الرفع من جودة الحياة المدرسية عن طريق تقوية محتويات البرامج و المناهج في شقيها الصفي وغير الصفي في مجالات الحياة المدرسية. فما هو مفهوم الحياة المدرسية ؟ وماهي أدوارها و مقوماتها ؟
قبل الحديث عن تعريف الحياة المدرسية لابد من الإشارة إلى أن الحياة المدرسية لم يتم التركيز على ضرورة تنشيطها أكثر و تفعيل أدوارها بشكل فعال إلا ابتداء من الموسم الدراسي 2003/2004 كما نصت على ذلك المذكرة الوزارية رقم 87 المؤرخة ب 10 يوليوز 2003 و ذلك انطلاقا من المبادئ الأساسية التي اعتمدها الميثاق الوطني للتربية و التكوين، و ذلك بتحديد مقوماتها و غاياتها و أهدافها الأساسية، و إبراز أدوار المتدخلين بهدف جعل المدرسة مفعمة بالحياة و الإبداع و التشارك في تحمل المسؤولية، و قادرة على تكوين إنسان متشبع بروح المواطنة و منخرط في التنمية الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و التكنولوجية.
يمكن تعريف الحياة المدرسية من خلال التعريف الوارد في” دليل الحياة المدرسية” شتنبر 2003 بتعريف ينبني على زاويتين متكاملتين :
– باعتبارها مناخا وظيفيا مندمجا في مكونات العمل المدرسي الذي يستوجب عناية خاصة لتوفير مناخ سليم و إيجابي، يساعد المتعلم على التعلم و اكتساب قيم و سلوكات بناءة. و تتشكل هذه الحياة من مجموع العوامل الزمانية و المكانية و التنظيمية و العلائقية و التواصلية و التكوينية و التعليمية التي تقدمها المؤسسة للتلاميذ.
– باعتبارها حياة اعتيادية يومية للمتعلمين يعيشونها أفرادا و جماعات داخل نسق عام منظم، و يتمثل جوهر هذه الحياة المعيشية داخل الفضاءات المدرسية في الكيفية التي يحيون بها تجاربهم المدرسيـة، و إحساسهم الذاتي بواقع أجوائها النفسية و العاطفية.
انطلاقا من هذا التعريف يمكن القول بأن المدرسة مؤسسة اجتماعية وتربوية صغرى ضمن مجتمع أكبر. تقوم بتربية النشء وتأهيلهم ودمجهم في المجتمع .
يتجلى هدف الحياة المدرسية في إرساء الكفايات التالية :
– إستراتيجية : – معرفة الذات و التعبير عنها .
– التموقع بالنسبة للأخر وللمؤسسات المجتمعية .
– تواصلية : – إتقان اللغة العربية و التفتح على اللغة الأمازيغية و التمكن من اللغات الأجنبية .
– التمكن من مختلف أنواع التواصل داخل المؤسسة و خارجها .
– التمكن من مختلف أنواع الخطابات ( الأدبية و الفنية ….) المتداولة في المؤسسات التعليمية .
– منهجية : – منهجية للعمل داخل الفصل و خارجه
– منهجية لتنظيم ذاته و شؤونه و وقته وتدبير تكوينه الذاتي و مشارعه الخاصة .
– ثقافية : تنمية الرصيد الثقافي للمتعلم وتوسيع رؤيته للعالم و للحضارة البشرية وترسيخ هويته كمواطن مغربي .
– تكنولوجيا : – القدرة على تصور و رسم و إبداع و إنتاج المنتجات التقنية .
– التمكن من التعامل مع التكنولوجيات الحديثة للإعلام و الاتصال .
للحياة المدرسية أدوار و مقومات تتجلى في :
دور تربوي : جعل المتعلم في قلب الاهتمام و التفكير و الفعل
دور اجتماعي : انفتاح المؤسسة على محيطها الثقافي و الاجتماعي (ممارسة الديمقراطية ،التعاون و الثقة بالنفس، تحمل المسؤولية، تعلم احترام آراء الغير و حرية الرأي)
دور تواصلي: تعلم كيفية الاتصال بالآخرين و تكوين علاقات إنسانية ناجحة.
وفي الختام يمكن القول بأن الحياة المدرسية تستهدف شقين أساسيين هما التوازن النفسي الذي يتجلى في تعزيز ثقة داخلية في القدرات الشخصية و الاندماج النفسي الذي يتجلى في تعزيز الثقة تجاه المجتمع .
المراجع المعتمدة في هذا المقال :
– عرض حول الحياة المدرسية ( أدوارها و مقوماتها) لأساتذة المركز الجهوي لمهن التربية و التكوين بطنجة . شعبة الفيزياء و الكيمياء (ثانوي تأهيلي ) / شعبة علوم الحياة و الأرض
– دليل الحياة المدرسية شتنبر 2003
– دليل الحياة المدرسية غشت 2008
Add Comment